عند تطوير مشاريع تقنية المعلومات، يشترك فريقان في العمل على المشروع، الأول هو فريق التطوير (Development Team) الذي يقوم ببناء المنتج برمجيا، والثاني هو فريق العمليات (Operations Team) الذي تُسند إليه عمليات التسليم والإدارة والنشر والتسويق والمتابعة للمنتج، تقوم DevOps وهي اختصار لاسم الفريقين، بتسهيل عملية التواصل بين الفريقين بطريقة تزيد من جودة المنتج وثقة الزبون.
لا توجد حدود صارمة لتعريف DevOps، فهي ليست تقنية أو برنامجاً محدداً، بل يمكن النظر إليها على أنها ثقافة مؤسسية ومنهج للعمل يتم اتباعه عند تطوير المنتجات، وقد تم تعريف ال DevOps من قبل العديد من المؤسسات والشركات، لعل أنسبها هو تعريف شركة Amazon الذي يقول:
” DevOps هو مزيج من الفلسفات والممارسات الثقافية والأدوات التي تزيد من قدرة المؤسسة على تقديم التطبيقات والخدمات بسرعة عالية، وتطوير المنتجات وتحسينها بوتيرة أسرع من المنظمات التي تستخدم إدارة البنية التحتية وعمليات تطوير البرمجيات التقليدية. وتُمكّن هذه السرعة المنظمات من خدمة عملائها بشكل أفضل والتنافس بشكل أكثر فاعلية في السوق”.
لم تظهر DevOps بشكل مفاجئ بل كان التفكير فيها ممتداً لسنوات طويلة كحل للمشاكل التي تظهر في المنهجيات القديمة لإدارة المشاريع، وكثير من الناس يعتبرها نسخة مطورة وممتدة لمنهجية أجايل (Agile) لإدارة المشاريع، حيث كان أول ظهور رسمي لمبادئ DevOps في مؤتمر (DevOpsdays) الذي أقيم ببلجيكا سنة 2009.
لماذا ظهرت DevOps؟
في شركات تقنية المعلومات يوجد فريق للتطوير يقوم ببرمجة الخدمات والتطبيقات، ويوجد فريق للعمليات هدفه هو إبقاء هذه الخدمات والتطبيقات في حالة من الثبات عبر إيجاد الحلول للمشاكل التي تواجه مستخدمي هذه التطبيقات والخدمات.
تاريخياً كان هناك فجوة واسعة بين الفريقين نظرا للتضارب الذي يحدث كلما أراد أحد الفريقين مقاطعة عمل الفريق الآخر، مثلا إذا أراد فريق العمليات تقديم ملاحظات حول المنتج يقوم بتعطيل عملية التطوير حتى تتم عملية التعديل المطلوبة، وإذا أراد المطورون اختبار أحد إصدارات المنتج أوقفوا العمل بالمنتج وأخّروا نشر البرمجيات، الذي قد يترتب عليه توقف أعمال العميل.
هنا جاءت DevOps لحل هذه المعضلة، من خلال دمج كل الأشخاص المرتبطين بتطوير البرمجيات وتشغيلها (المستخدمين، المطورين، مهندسي الاختبار، مهندسي الأمان، مسؤولي النظام) في إطار عمل واحد يتم تنسيق العمليات داخله بطريقة دقيقة، مع التركيز على: التسليم السريع للبرمجيات، والجودة العالية للمنتج، مما يلبي جميع متطلبات الزبون مع الحفاظ على سلامة واستقرار النظام بأكمله.
فوائد استخدام DevOps:
يلاحظ بشكل واضح أن المؤسسات التي تعتمد نظام DevOps تتميز عن غيرها من المؤسسات التي تستخدم الأنظمة التقليدية القديمة. فمن خلال تكوين فريق واحد من أعضاء متعددي الوظائف يعملون بشكل منسق، تستطيع هذه المؤسسات توفير أقصى سرعة لإنجاز المشاريع، مما يوفر وقتاً كافياً للابتكار والتطوير داخلها، ويمكن تفصيل الفوائد التالية لتطبيق نظام DevOps داخل المؤسسات:
الفوائد الفنية:
- منهجية أقل تعقيداً لإدارة المشاريع.
- إيجاد حلول للمشكلات بشكل أسرع.
- إنشاء إصدارات بشكل مستمر للبرمجيات.
الفوائد التجارية:
- تسليم المشاريع بشكل أسرع.
- إضافة المميزات والتعديلات وتحسين تجربة المستخدم بسرعة عند الحاجة.
- خلق بيئات عمل أكثر استقرارًا وأقل تكلفة.
- تحسين الاتصال والتعاون بين المشاركين في عملية تطوير ومتابعة البرنامج.
- توفير المزيد من الوقت لابتكار مميزات جديدة، بدلاً من تضييع الوقت على عمليات الإصلاح والصيانة.
الفوائد الثقافية:
- بيئة عمل مبنية على التشارك والتعاون الفعال.
- موظفين أكثر سعادة وبالتالي أكثر إنتاجية.
- فرصة لتطوير مهارات كامل أعضاء الفريق.
مراحل تطبيق DevOps:
كما ذكرنا سابقا فإن DevOps ليست أداة معينة، بل هي مجموعة المراحل المنطقية التي يمر بها المشروع، ويتم توظيف عدد من الأدوات والتقنيات لتنفيذ كل مرحلة من هذه المراحل لضمان تسريع عملية تطوير البرمجيات:
- التخطيط .(Planning)
- البرمجة .( Coding)
- البناء (Building).
- الاختبار .(Testing)
- الإطلاق .(Releasing)
- النشر (Deploying)
- التشغيل (Operation)
- متابعة الأداء (Monitoring)
عمليات DevOps:
التطبيق الجيد لمراحل DevOps المنطقية، يستلزم وجود مجموعة متنوعة من العمليات والإجراءات، واستخدام مجموعة من الأدوات، من أهم هذه العمليات ما يلي:
- إدارة الإصدارات: وهو نظام ملفات أو قاعدة بيانات، تقوم بتخزين العمليات والتحديثات التي قام فريق العمل بإجرائها على ملفات المشروع، بحيث يمكن العودة لتلك التعديلات والتحديثات في أي وقت، مع إمكانية التراجع عن تلك التعديلات أو حذفها. ومن أشهر الأدوات المستخدمة لذلك هي أداة (GitHub).
- الدمج/ النشر المستمر : يقوم فريق DevOps باستلام الملاحظات والتعديلات ومن ثم دمجها في المنتج ونشرها بشكل مستمر، بدلاً من انتظار موعد التسليم النهائي.
- أتمتة الاختبارات: يقوم فريق DevOps بالاختبار المستمر والمؤتمة للمنتج والتأكد من مواصفاته وقابليتها للتنفيذ بشكل دائم، وباستخدام مختلف أدوات الاختبار.
- عملية مقارنة الإصدارات: يجب على المختبرين والمطورين ومسؤولي النظام، مراجعة التغييرات الحاصلة في عملية التطوير، بشكل تعاوني من خلال نهج محدد وموثق بتقارير يومية.
- خلق ثقافة الثقة العالية: لا ينبغي لأحد أن يخاف من طرح أسئلة صعبة، لأن الخوف من تحمل المسؤولية لشخص بعينه والدخول في المساءلة لم يعد موجودا.
- المراقبة الدائمة في بيئة العمل: تزويد أصحاب المصلحة وجميع الأطراف الأخرى ذات الصلاحيات بتقارير وتنبيهات مصممة حسب الطلب استنادًا إلى تكوين أدوات الاختبار والمراقبة المخصصة لذلك.
- تعزيز العلاقات بين المطورين ومسؤولي الإدارة والتنفيذ: صُممت منهجية DevOps لكي تجمع بين الفريق المسؤول عن عملية التطوير، والفريق المسؤول عن النشر والاختبار والتشغيل، في فريق واحد وفقاً لأسلوب المشاركة والتعاون.
المؤسسات التي يمكنها استخدام DevOps:
منهجية DevOps ليست حكرا على مؤسسة أو مجال بعينه بل يمكن استخدامها داخل كل المؤسسات بغض النظر عن حجمها والمجال الذي تعمل فيه، سواء كانت مؤسسة ناشئة أو لها مدة كبيرة في السوق. ولقد أظهرت الدراسات التزايد المستمر في استخدام هذه المنهجية في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير.
ويتم استخدام استراتيجيات DevOps في معظم الشركات الضخمة، مثل Facebook ، Amazon، Netflix، Sony Pictures، وشركة الخدمات المالية العملاقة Barclays ، وشركة USG Corporation المختصة بتصنيع مواد البناء.
كما يمكن استخدام DevOps في الجهات الحكومية وشبه الحكومية، مثال على ذلك: اعتماد استراتيجيات DevOps داخل المؤسسة الأمريكية للإسكان (Fannie Mae).
اقرأ أيضا: أدوات إدارة المشاريع
تحديات استخدام DevOps في المؤسسات:
تجميع فريقي التطوير والتشغيل: من الصعب جدا الجمع بين مجالين مختلفين مثل مجالي التطوير والتشغيل، وذلك بسبب اعتياد كل فريق العمل لوحده بشكل مستقل عن الآخر، لذلك فإن من الوارد جدا أن تنشأ خلافات بينهما في توزيع المهام وكيفية إدارة المشروع. لكن يمكن التغلب على هذه المشكلة عن طريق التركيز على الأهداف المشتركة، وحث الفريقين على العمل بمبدأ التعاون وتوضيح الفوائد التي سوف تعود عليهم كموظفين من تطبيق تلك الفكرة.
- تحديث الأفكار والبرامج: لتحقيق أقصى استفادة وعائد استثمار لمؤسستك من استراتيجيات DevOps، يجب عليك تغيير أفكار العاملين، واستخدام أدوات حديثة تعمل بشكل جيد وتتماشى مع متطلبات هذا النهج، هذا الأمر قد يستهلك الكثير من الموارد، ولكن في المقابل ستكون نتائجه جيدة على كامل المؤسسة.
- مشاكل الأمان: من أهم الأمور التي ينظر إليها المستخدمون قبل استخدام أي منهجية جديدة هو أمان معلوماتهم في هذا النظام، فمن الضروري أن تتوفر في النظام كل سبل الأمان العالية، ويمكن حل هذه المشكلة عن طريق التوظيف أو التعاقد مع فريق أمني يوفر أفضل حلول الأمان داخل بيئة العمل.
- إنشاء ثقافة مؤسسية تقبل التغيير: بسبب اختلاف أفكار الفرق التي سوف تعمل ضمن نظام واحد، لا بد من توفير بيئة عمل مناسبة من ناحية الأدوات وأيضا تجهيز الموظفين للتكيف مع الاختلافات والأفكار الجديدة وتطوير ثقافة التعاون بينهم.
تتابع لمة كل مستجدات إدارة المشاريع من منهجيات وأدوات، وتقوم بتطوير
كوادرها لمواكبة هذه التطورات، وخلق بيئة عمل تدعم الإبداع.
0 تعليق