اختلطت الحقائق بالأساطير فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence/AI) لدى كثير من الناس، ولعل أفلام الكرتون والخيال العلمي كانت هي المصدر الأول لذلك، فقد قُدم الذكاء الاصطناعي لعقود بشكل خيالي لاجتذاب المشاهدين وصناعة جو من الدهشة والغموض لديهم، سنحاول في هذه المقالة التعرف على هذا المجال الذي أصبح يؤثر بشكل متزايد في كل جوانب حياتنا.
لفهم أوضح، يمكننا القول أن الذكاء الاصطناعي هو أحد فروع علوم الحاسوب الذي يهتم بإنتاج خوارزميات وبرامج وأجهزة تحاكي الذكاء البشري لأداء المهام، والتي يمكنها أن تحسن من أدائها اعتمادا على المعلومات التي تجمعها، لذلك فهو يرتبط بشدة بالبيانات، وثورته التي نشهدها اليوم هي نتيجة التعامل مع هذه البيانات الضخمة والاستفادة مما تخفيه داخلها من حقائق، وهو يهدف إلى تعزيز القدرات البشرية واستغلال قدرات الحوسبة لتطويرها، وذلك بالاعتماد على تحليل البيانات والتعلم منها، واستحداث خوارزميات ذكية تناسب المشكلة التي نتعامل معها، ولا يهدف إلى استبدال البشر بالروبوتات أو احتلال العلم من هذه الروبوتات كما يظن البعض.
يشتمل مجال الذكاء الاصطناعي اليوم على عدد كبير جدا من الفروع، التي يكاد يعتبر كلا منها علما مستقلا بذاته، مع ذلك يمكن تصنيف الذكاء الاصطناعي إلى نوعين رئيسيين:
الذكاء الاصطناعي الضعيف (Weak AI):
ويسمى أيضًا الذكاء الاصطناعي الضيق (Artificial Narrow Intelligence/ ANI)، وهو ذكاء اصطناعي مدرب ومركز على أداء مهام محددة. يقود الذكاء الاصطناعي الضعيف معظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يحيط بنا اليوم. قد يكون (الضيق) وصفًا أكثر دقة لهذا النوع من الذكاء الاصطناعي لأنه ليس ضعيفًا؛ إنه يتيح بعض التطبيقات القوية للغاية، مثل Apple’s Siri و Amazon’s Alexa و IBM Watson والسيارات ذاتية القيادة.
الذكاء الاصطناعي القوي (Strong AI):
الذكاء الاصطناعي القوي (Strong AI): وهو يتكون من نوعين فرعيين هما:
الذكاء الاصطناعي العام (Artificial General Intelligence/AGI): وهو شكل نظري للذكاء الاصطناعي حيث يكون للآلة ذكاء مساوٍ للبشر؛ ووعي ذاتي يمكنها من حل المشكلات والتعلم والتخطيط للمستقبل.
والذكاء الاصطناعي الفائق (Artificial Super Intelligence/ASI): وهذا النوع من الذكاء الاصطناعي من المفترض أن يتجاوز ذكاء وقدرة الدماغ البشري.
و لا يزال الذكاء الاصطناعي القوي مجال بحثي نظري تماما، لعدم وجود أمثلة عملية منه قيد الاستخدام اليوم، مع ذلك يعمل باحثو الذكاء الاصطناعي على مقاربته وتطويره.
إقرا أيضاً : سجل حضورك في عالم الانترنت – طور موقعك الخاص
التعلم والذكاء الاصطناعي:
التعلم (Learning)، وأحيانا يسمي التعلم من البيانات (Learning From Data) بتقنياته المختلفة، هو ما يميز برمجيات الذكاء الاصطناعي، ويمنحها القوة والتميز عن غيرها من تقنيات البرمجة التقليدية، لذلك يجب أن نفهم تماما ما الذي يعنيه التعلم في الذكاء الاصطناعي وكيف يتم في هذه البرمجيات.
في البرامج الحاسوبية يمكن تقسيم أي خوارزمية أو برنامج إلى ثلاثة أجزاء منطقية هي المدخلات (Inputs)، المعالجة (Processing)، المخرجات (Outputs).
بالنسبة للبرمجة التقليدية تكون خطوات الحل والمعالجة معروفة، وبالتالي يتم تحويلها إلى خوارزمية، حيث يستقبل البرنامج المدخلات، ويعالجها، للحصول على المخرجات.
بينما المشاكل التي يعالجها الذكاء الاصطناعي تكون خطوات الحل غير معروفة أو معقدة جدا، وبالتالي لا نستطيع صياغتها في برامج وخوارزميات واضحة الخطوات، عوضا عن ذلك يتم اللجوء إلى تقنيات التعلم، وهي آلية مشابهة لتعلم البشر من التجربة والخطأ، حيث يتم تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي (AI Models) على مدخلات نعرف مخرجاتها مسبقا، وفي حال فشل النموذج في التنبؤ بالمخرجات، يمنح فرصة أخرى للمحاولة، ويستمر النموذج في المحاولة حتى نحصل على النتيجة الصحيحة، بالطبع يتم التدرب على مجموعة كبيرة من البيانات والحالات المختلفة، وبذلك يمكننا القول أن النموذج قد تم تدريبه وهو قادر على التعامل مع أي بيانات جديدة لم يتدرب عليها مسبقا، بهذه الطريقة يكون ناتج عملية التعلم هو نموذج مدرب.
مثـــــلا: إن كنا نريد إنتاج نموذج قادر على التعرف على وجود أشخاص في الصور، يتم تدريب هذا النموذج على كمية كبيرة من الصور التي تحتوي أشخاصا، وبعد إتمام عملية التدريب يصبح النموذج قادرا على استكشاف وجود الأشخاص في أي صورة، وهي مهمة من الصعب جدا إنجازها بدون تقنيات الذكاء الاصطناعي.
دائما ما يحدث الخلط بين نوعين من أنواع التعلم، وهما تعلم الآلة (Machine Learning/ML)، والتعلم العميق (Deep Learning/DL)، وفي الحقيقة فإن التعلم العميق هو مجال فرعي من تعلم الآلة، وهو يستخدم الشبكات العصبية المكونة من طبقات متعددة لإنجاز عمله.
الطريقة التي يختلف بها التعلم العميق عن تعلم الآلة هي في الكيفية التي تتعلم بها خوارزمية كل منهما. حيث يعمل التعلم العميق على أتمتة عملية استخراج الميزات (Features)، مما يلغي كثيرا من التدخل البشري اليدوي الموجود في تعلم الآلة التقليدي، في المقابل يحتاج التعلم العميق لكميات كبيرة من البيانات للتعلم، بعكس تعلم الآلة الذي يحتاج إلى كميات أقل نسبيا من البيانات.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي:
هناك العديد من التطبيقات الواقعية لأنظمة الذكاء الاصطناعي اليوم. وفيما يلي بعض الأمثلة الأكثر شيوعا:
التعرف على الكلام (Speech recognition):
وهو تطبيق يستخدم تقنيات معالجة اللغات الطبيعية (Natural Language Processing/NLP) لفهم محتوى الكلام البشري المنطوق وتحويله إلى نص، أو تنفيذ ما فيه من أوامر، تدمج العديد من أجهزة الهواتف المحمولة التعرف على الكلام في أنظمتها لإجراء البحث الصوتي أو أتمتة بعض المهام.
خدمة العملاء (Customer service):
يحل الوكلاء الافتراضيون (virtual agents) اليوم في مواقع الويب ومنصات التواصل الاجتماعي محل البشر في أداء كثير من الأعمال الروتينية، فهم يجيبون على الأسئلة المتكررة والشائعة حول أسعار البضائع ومواعيد الشحن، أو يقدمون نصائح محددة، وهو أمر جيد للغاية فالوكلاء الافتراضيون هم برامج ذكية تشتغل على مدار الساعة وتؤدي مهامها بكل كفاءة وبدون تعب.
رؤية الكمبيوتر (Computer vision):
تمكن هذه التقنية من تقنيات الذكاء الاصطناعي أجهزة الكمبيوتر والأنظمة المختلفة من استخلاص معلومات ذات مغزى من الصور الرقمية ومقاطع الفيديو والمدخلات المرئية الأخرى، وبناءً على هذه المدخلات، يمكنها اتخاذ إجراء معين. يتم استخدام هذه التقنية في تطبيقات عديدة مثل فحص صور الأشعة لتشخيص الأمراض، وتحليل صور الفيديو للبحث عن أشخاص أو أشياء، وتجنب الاصطدام في السيارات ذاتية القيادة.
محركات التوصية (Recommendation engines):
تستخدم محركات التوصية خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات واكتشاف اتجاهاتها، فيمكن مثلا عرض منتجات أو خدمات مناسبة للزبائن بناء على تحليل سلوك الاستهلاك السابق لهم، أو تقدم توصيات مؤتمتة للبرامج التلفزيونية استنادًا إلى عادات المشاهدة للمستخدمين، أو عرض صفحات تتناسب مع اهتماماتك في منصات التواصل الاجتماعي.
تداول الأسهم الآلي (Automated stock trading):
تم تصميم منصات تداول الأسهم عالية التداول التي يحركها الذكاء الاصطناعي لتحسين محافظ الأسهم، حيث تقوم بآلاف أو حتى ملايين التداولات يوميًا دون تدخل بشري، مع القدرة على التكيف والتنبؤ بالكثير من العمليات المالية.
توظف شركة لمة لتقنية المعلومات ممكنات الذكاء الاصطناعي
لتطوير حلول ذكية ورائدة، وتواكب الجديد في
هذا المجال سريع التطور لتقديم أفضل الخدمات لعملائها.
0 تعليق